غزة تحت حرب التعطيش… جريمة حرب مفتوحة بحق الإنسانية
في واحدة من أبشع فصول العدوان المستمر، يجد سكان قطاع غزة أنفسهم اليوم في مواجهة حرب جديدة يشنها الاحتلال الإسرائيلي، لكنها هذه المرة ليست بالصواريخ والقذائف فقط، بل بسلاح أبشع وأكثر خنقًا: الماء.
إن استخدام الماء كسلاح جماعي ضد المدنيين يُعد انتهاكًا صارخًا لكل القوانين والمواثيق الدولية، لكنه في غزة بات سياسة ممنهجة ومدروسة، تستهدف كسر إرادة أكثر من مليونَي إنسان محاصر منذ سنوات طويلة، يُضاف اليوم إلى حصاره الغذائي والدوائي حصارٌ عطشيٌ يُهدد حياتهم من أساسها.
🔹 أرقام صادمة تعكس حجم الجريمة
بحسب آخر بيان للمكتب الإعلامي الحكومي في غزة، فإن الاحتلال ارتكب 112 مجزرة بحق الأهالي الذين كانوا يصطفون في طوابير تعبئة المياه، راح ضحيتها أكثر من 700 شهيد جلّهم من الأطفال، الذين كانوا يحاولون الحصول على أبسط حق إنساني: شربة ماء نظيفة.
ولم يكتفِ الاحتلال بقصف الناس عند نقاط المياه، بل تعمّد تدمير 720 بئر مياه وإخراجها عن الخدمة بالكامل، ليُحرم أكثر من مليون وربع المليون إنسان من الوصول إلى مياه صالحة للشرب أو الاستعمال اليومي.
كما منع الاحتلال دخول 12 مليون لتر من الوقود شهريًا، وهي الكمية الضرورية لتشغيل محطات تحلية المياه والصرف الصحي، ما أدى إلى شلل شبه كامل في هذه الشبكات الحيوية، وتسبب في تفشي الأوبئة خاصة بين الأطفال.
🔹 خنقٌ متعمّد وصمتٌ دولي
منذ يناير 2025، زاد الاحتلال من تضييقه حين قطع مياه ميكروت، آخر مصادر المياه الأساسية لغزة، ثم في مارس قطع الكهرباء عن آخر محطة تحلية مركزية. هكذا وجد الغزيون أنفسهم في قلب كارثة إنسانية كبرى، بلا ماء ولا كهرباء ولا وقود ولا أي بدائل حقيقية وسط صمت دولي مطبق وتواطؤ دولي مكشوف، إذ يُحمّل الفلسطينيون الدول الداعمة للاحتلال – مثل الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة – المسؤولية القانونية والأخلاقية عن هذه الإبادة البطيئة.
🔹 جريمة حرب مكتملة الأركان
إن حر ب التعطيش التي تُنفذ بحق سكان غزة ليست مجرد انتهاك عابر، بل هي جريمة حرب مكتملة الأركان بموجب اتفاقيات جنيف الرابعة، وخرق فاضح للقانون الدولي الإنساني الذي يضمن للسكان المدنيين حقهم في الماء والغذاء والحياة الكريمة.
🔹 ما المطلوب؟
اليوم وأكثر من أي وقت مضى، يحتاج الشعب الفلسطيني إلى تحرك دولي جاد:
وقف حرب التعطيش فورًا وضمان وصول المياه دون عوائق.
إدخال الوقود والمعدات لتشغيل الآبار ومحطات التحلية والصرف الصحي.
فتح تحقيق دولي يكشف أركان هذه الجريمة ويُمهّد لمحاسبة مرتكبيها أمام المحاكم الدولية.
ملاحقة قادة الاحتلال باعتبارهم مجرمي حرب.
🔹 رسالة غزة: لن تمروا
رغم القصف والحصار والتعطيش والتجويع، يواصل شعب غزة صموده وتمسكه بحقه في الحياة. هذه الجرائم لن تسقط بالتقادم، وستبقى شاهدًا حيًا على وحشية لا تغتفر أمام ضمير الإنسانية.
📌 إن غزة اليوم لا تطلب من العالم سوى حقها البسيط: ماء نظيف يروي ظمأ أطفالها. فهل يتحرك العالم قبل أن يُمحى حقهم من على وجه الأرض؟
✍️ #عيون_DZ | من قلب غزة… صوت لا يموت
