المقاتلة الروسية الأحدث “سو-57إم1”.. خمس ميزات جديدة تجعلها متفوقة بفارق كبير على النسخة الأصلية
دخلت المقاتلة الروسية الشبحية “سو-57إم1” مرحلة متقدمة من التطوير، لتشكل نقطة تحول رئيسية في برنامج الطيران الحربي الروسي. ففي أواخر عام 2020، تم تشغيل النسخة الأولى من مقاتلة “سو-57” المزودة بمحركات AL-41F1، وهي الجيل المطوّر من محرك AL-31F السوفيتي الذي تم تشغيله لأول مرة عام 1984 على مقاتلات “سو-27”. وتمثل هذه المحركات نقلة نوعية في الأداء، وتعتبر نتاجاً لتقنيات اعتمدت في تطوير المحركات الأولى لطائرة “ميغ 1.44″، حيث تم تعزيز كفاءتها التشغيلية بشكل كبير.
ويُعد محرك AL-51F1 الذي ستزود به النسخة الأحدث “سو-57إم1″، تطورًا جديدًا بعد 40 عامًا، ويُنتظر أن يزوّد المقاتلة بدفع فائق، مع تقليل البصمة الحرارية، وتحسين الخصائص الديناميكية للطيران، وتقليل تكاليف التشغيل والصيانة، فضلاً عن زيادة الطاقة المخصصة لتشغيل الأنظمة الإلكترونية على متن الطائرة، بما في ذلك أنظمة الرادار المتطورة.
بفضل هذا المحرك الجديد، من المتوقع أن تتفوق “سو-57إم1” في قدرتها على المناورة والانطلاق بسرعات تتجاوز 2 ماخ دون الحاجة إلى استخدام الحارق اللاحق، وهو ما يمثل ميزة استراتيجية للطيران على ارتفاعات عالية وسرعات خارقة.
أما هيكل الطائرة (الفيوزلاج) وحاويات الأسلحة الداخلية، فقد تم إعادة تصميمها لتكون أكثر تكاملًا وانسيابية مقارنة بالنسخة السابقة، مما يعزز من قدراتها التخزينية والشبحية.
وتُعتبر “سو-57” أول مقاتلة روسية شبحية تم تجهيزها برادار AESA من نوع N036 يعمل بالمسح الإلكتروني النشط ومتكامل في مقدمة الطائرة. ومع ذلك، لا تزال المعلومات المتوفرة عن هذا الرادار محدودة، رغم كونه من التقنيات المتقدمة التي تهدف موسكو من خلالها إلى اللحاق بمستوى تطور أنظمة الرادار الغربية.
وقد كشفت العمليات العسكرية في أوكرانيا، حيث شاركت “سو-57” في مسارح القتال، عن أهمية دمج أنظمة الحرب الإلكترونية والقدرة على توجيه الضربات الدقيقة وتفادي الكشف من قبل الرادارات المعادية. ووفقًا لمصادر روسية، فإن المقاتلة تعمل على تطوير نظام رادار جديد منافس لنظيره الأمريكي AN/APG-85 على طائرة F-35، وهو ما تطلّب تعديل تصميم هيكل الطائرة لاحتواء هذه المنظومة الأكبر حجماً.
وإلى جانب الرادار، ستزوّد “سو-57إم1” بأنظمة متقدمة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لدعم الطيار في تنفيذ المهام، مع نظام تشغيل سريع ومحسّن يمكّن الطيار من إجراء الفحوصات الأولية والاستعداد للمهام بكفاءة أكبر.
وفي صيف 2024، كشفت وسائل إعلام روسية عن اعتماد نظام جديد لعرض البيانات داخل خوذة الطيار، يشبه إلى حد كبير الأنظمة المعتمدة في مقاتلات J-20 الصينية وF-35 الأمريكية، حيث يعرض النظام المعلومات الحيوية على شاشة شفافة أمام العين تشمل بيانات الملاحة والاستهداف، كما يعمل بتناغم مع المستشعرات المتعددة المدمجة في الطائرة.
ويُعتقد أن هذا النظام سيساعد في تقليص الفارق العملياتي بين “سو-57” ونظيراتها الغربية، رغم استمرار غياب نظام رؤية متكامل عبر الخوذة، كما هو الحال في F-35 وFC-31 الصينية، والتي تسمح للطيار برؤية محيط الطائرة من خلال الخوذة بزاوية 360 درجة.
إلا أن روسيا أحرزت تقدمًا في تعويض ذلك عبر دمج خمس رادارات AESA موزعة حول جسم الطائرة، ما يعزز من وعي الطيار المحيطي، حتى في حال عدم توفر الخوذة المتكاملة. وقد لا يكون النظام الجديد مخصصًا حصريًا لنسخة “سو-57إم1″، إلا أنه من المرجّح أن يتزامن دخوله الخدمة مع تسليم النسخ المطورة منها.
وفي التجارب العملياتية الأخيرة على الجبهة الأوكرانية، اختبرت روسيا المقاتلة باستخدام صواريخ جو-جو بعيدة المدى من طراز R-37M، القادرة على بلوغ سرعة 6 ماخ، وبمدى يصل إلى 400 كيلومتر، وهي خصائص تجعلها من أقوى صواريخ الاعتراض الجوي في العالم.
هذا الصاروخ في الأصل صُمم لطائرات MiG-31، لكن تم تعديله لاحقًا ليُلائم الحاويات الداخلية لطائرة “سو-57″، وذلك للحفاظ على شكلها الشبحي. ووفقاً للتقارير، طُورت نسخة مدمجة تحت اسم Izdeliye 810 لتناسب المساحات الداخلية دون التأثير على قدرات التسلل.
وإذا تم تزويد “سو-57إم1” رسميًا بهذه الصواريخ، فستكون أول مقاتلة جيل خامس تحمل صواريخ جو-جو بمدى يتجاوز 300 كلم داخل هيكلها الداخلي. وتستطيع هذه الصواريخ أيضًا استهداف طائرات الدعم مثل ناقلات الوقود، وطائرات القيادة المحمولة جواً، والطائرات بدون طيار الكبيرة، وحتى القنابل الذكية في بعض الحالات.
إلا أن هذه القدرات تتطلب استخدام رادار مخصص لاستهداف الأهداف الطائرة بعيدة المدى، ما يزيد من تعقيد المهمة لكنه يوفر ميزة تكتيكية حاسمة. ويُتوقع أن تؤدي هذه المنظومة إلى تعزيز قدرة الطائرة على الاشتباك من مسافات بعيدة دون الكشف عنها، ما يشكل معادلة قتالية غير متكافئة.
وتؤكد هذه التطويرات المتسارعة أن “سو-57إم1” ليست مجرد نسخة مطورة، بل تمثل محاولة روسية جادة لمضاهاة التفوق الأمريكي والغربي في مجال مقاتلات الجيل الخامس، مع التركيز على القدرات الشبحية، والتكامل الإلكتروني، والتسليح الذكي بعيد المدى.
